القائد الذكي عاطفيًا
بقلم: حاتم شهاب
هل تساءلت يومًا: لماذا تفشل بعض الاستراتيجيات، رغم وضوحها ودقة التخطيط لها؟
الجواب لا يكمن في نقص الأدوات ولا في ضعف المنهجيات، بل في غياب عنصر جوهري.. الذكاء العاطفي.
لقد كان يُنظر إلى الذكاء العاطفي يومًا ما باعتباره “مهارة ناعمة”، هامشية أو تكميلية.
أما اليوم، فقد أصبح القوة الصامتة خلف كل قائد ناجح، والشرط الخفي وراء المؤسسات التي تحقق إنجازات عظيمة وسط عالم مليء بالتحديات.
من الفكرة إلى التجربة
في 2024 أقمنا ندوة متخصصة كشفت كيف يغيّر الذكاء العاطفي منسوب الأداء والتعاون داخل فرق المشاريع.
وفي 2025 أطلقنا ورشة جمعت بين قيادة المشاريع وقيادة التغيير، لتؤكد أن النجاح لا يتحقق بالصراع بينهما، بل بالشراكة.
هذه المحطات لم تكن مجرد فعاليات، بل شرارة ولّدت برنامجًا فريدًا من نوعه: برنامج القائد الذكي عاطفيًا.
برنامج يعيد تعريف القيادة
هذا البرنامج ليس محاضرة نظرية ولا شهادة ورقية.
إنه تجربة مهنية معتمدة من هيئة التطوير المهني المستمر في بريطانيا (CPD UK)، صُمم ليقيس ويطوّر الكفاءات العاطفية للقادة عبر:
- مواقف حقيقية
- سيناريوهات واقعية
- تقييمات تطبيقية
ويجمع بين مسارين أساسيين:
- قائد مشاريع ذكي عاطفيًا
- قائد تغيير ذكي عاطفيًا
لأن القيادة اليوم لا تُقاس بعدد القرارات بل بجودة التفاعل الإنساني وعمق التأثير.
مهارات القائد الذكي عاطفيًا
القائد الذي يفهم ذاته، يضبط انفعالاته، يستشعر الآخرين، ويُتقن بناء العلاقات.
أربع ركائز تشكل أساس القيادة الحقيقية:
- الوعي بالذات: أن تفهم مشاعرك وتأثيرها على من حولك.
- ضبط النفس: أن تملك زمام ردود أفعالك في الأوقات الحرجة.
- الوعي بالآخرين: أن تشعر بما يعيشه فريقك وتتفهمه بصدق.
- إدارة العلاقات: أن تحوّل الثقة إلى وقود يدفع الفريق نحو الإنجاز.
القائد الذكي عاطفيًا لا يُقاس بقراراته بل بقدرته على تحويل التحديات إلى فرص.
من الفرد إلى المؤسسة
الأثر الحقيقي للذكاء العاطفي لا يتوقف عند حدود القائد.
إنه يمتد ليخلق منظمة ذكية عاطفيًا:
- تراقب مناخها العاطفي كما تراقب مؤشرات الأداء.
- تبني ثقافة يسودها الاحترام والتفاهم.
- توجّه طاقة الفرق نحو التعاون والابتكار.
هنا يصبح الذكاء العاطفي أسلوب حياة مؤسسي، يولّد ولاءً أعلى، إبداعًا أوسع، وإنجازًا أعمق.
من القيادة بالأوامر إلى القيادة بالوعي
لم يعد الذكاء العاطفي رفاهية، بل ضرورة استراتيجية.
إنه استثمار في أعظم أصل تملكه أي مؤسسة: إنسانها.
والقائد الذكي عاطفيًا لا يقود بسلطة منصبه بل بوعيه، بتأثيره، وبثقته في أن القوة الحقيقية تبدأ من الداخل.
رحلة القيادة الواعية تبدأ من ذاتك، لكنها لا تكتمل إلا حين تتحول إلى ثقافة يعيشها كل من حولك.