حين نتحدث عن التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في المؤسسات، يتبادر إلى أذهاننا عادةً تعقيدات التكنولوجيا أو ضعف النماذج الخوارزمية. لكن التجربة العملية تكشف أن العائق الأكبر ليس تقنيًا بقدر ما هو تشغيلي: تراكم "ديون العمليات والبيانات".
هذه الديون الصامتة تتشكل من سنوات من الحلول المؤقتة، والإجراءات اليدوية، وقواعد البيانات غير المتناسقة. وهي تتسرب إلى كل قسم في المؤسسة – من المحاسبة إلى سلسلة الإمداد – لتصبح العقبة الأولى أمام التحول الرقمي القائم على الذكاء الاصطناعي.
عندما تتحول الطماطم إلى درس إستراتيجي
مثال بسيط: شركة تطلب 1000 كجم من الطماطم، لكن تصل 950 كجم فقط بسبب فقدان طبيعي في الرطوبة. النظام التقليدي يرفع القضية لمراجعة يدوية. بينما الذكاء الاصطناعي المبني على أسس صلبة يفهم أن هذا الانخفاض متوقع، ويعالج الطلب تلقائيًا، بل ويضيف هذه المعرفة إلى سجلاته المستقبلية.
الفرق هنا ليس في التقنية بحد ذاتها، بل في نقاء العملية التشغيلية التي تدعمها.
الفجوة الخفية في التعلّم
دراسات حديثة من MIT أظهرت أن 95% من مبادرات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات تفشل في تقديم قيمة حقيقية، ليس بسبب قصور في التقنية، بل بسبب ضعف القدرة على التكيّف مع العمليات المعقدة القائمة.
أما غارتنر فتتوقع أنه بحلول 2030، سيصبح أكثر من 50% من نماذج الذكاء الاصطناعي مخصصًا لقطاعات وصناعات محددة، بعد أن كانت النسبة 5% فقط. وهذا يعكس حقيقة واحدة: الحلول العامة لم تعد تكفي.
ذكاء العمليات قبل ذكاء الآلة
التحولات الناجحة في الذكاء الاصطناعي تبدأ بتصفية "ديون العمليات والبيانات". المؤسسات التي تقوم بهذا العمل الجذري تُطلق كامل طاقة الذكاء الاصطناعي، بينما يظل غيرها مقيدًا بتركة الماضي.
الذكاء الاصطناعي لن يُنقذ العمليات المترهلة، بل سيتعثر بسببها.
ما الذي يعنيه هذا للقادة؟
نحن ندخل عصرًا جديدًا حيث الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد مساعد، بل صانع قرارات ومدير أنظمة متكاملة. القادة الذين يدركون ذلك يعملون الآن على بناء أساس تشغيلي متين، يضمن لهم الريادة في اقتصاد المستقبل القائم على الاستقلالية.
كما يُقال: "لا ذكاء اصطناعي بلا ذكاء تشغيلي." الشركات التي تستوعب هذه المعادلة ستكون هي الفائزة الحقيقية في العقد القادم.